يقال عنت الرجل ، أي أصبته بعيني ، وهو معين ومعيون ، والفاعل عائن ،
ويقال رجل معيان وعيون : أي شديد الإصابة بالعين وتسمى العين بالنفس
يقال : نفسته بنفس أي أصبته بعين ، ورجل نافس أي عائن ، وتسمى العين بالنظرة
يقال صبي منظور :أي أصابته العين
ثانيا :الأدلة على أن العين حق :
الإصابة بالعين أمر مشاهد معلوم ثابت لا شك فيه وعلى هذا إجماع
علماء الأمة ، وقد أنكر ذلك طوائف من المبتدعة،بلا دليل يستندون عليه ، إلا
مجرد استبعاد لا أصل له وهم محجوجون بالأدلة الشرعية الدالة على ذلك وهي
كما يلي :
أن يعقوب عليه السلام خشي العين على بنيه لأنهم كانوا ذوي جمال
وصورة حسنة فأمرهم بالدخول متفرقين حتى لا يلفتوا نظار الناس إليهم،وهذا
مما يدل على حقيقة إصابة العين ،وقال تعالى : (وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْلَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ) 51 سورة القلم
وجاء في تفسير هذه الآية:
إن المراد بقولة تعالى (ليزلقونك) أي: يعينونك
بأبصارهم بمعنى يحسدونك لبغضهم إياك لولا وقاية الله لك وحمايته إياك منهم
وفي هذه الآية دليل على أن العين إصابتها وتأثيرها حق بأمر الله عز وجل
ثانيا من السنة :
وردت أحاديث كثيرة في إثبات أن العين حق منها :
1ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (العين حق)صحيح البخاري ـ مسلم
2ـ عن عائشة رضي الله عنها قالت (أمرني النبي صلى الله عليه وسلم ـ أوأمر ـ أن يسترقى من العين) صحيح البخاري ومسلم
3ـ عن أنس قال : (رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرقيه من العين )صحيح مسلم
ومما يدل على سرعة تأثير العين :
1ـ عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( العين حق ، ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين ، وإذا استغسلتم فاغسلوا ) صحيح مسلم
ووجه الدلالة :
قوله صلى الله عليه وسلم (ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين)
فهذا مما يدل على سرعة نفوذها وأنها قويه الضرر ، والحديث جرى مجرى
المبالغة في تحقيق الإصابة بالعين وسرعة ذلك ، لا أنه يمكن أن يرد القدر
شيء وحاصلة لو فرض أن شيئا له قوة بحيث يسبق القدر لكان العين .
2ـ وعن جابر بن عبدالله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأسماء بنت عميس:
(مالي أرى أجسام بني أخي ضارعة ، تصيبهم الحاجة) قالت : لا ولكن العين تسرع إليهم ، قال ( ارقيهم ) قالت : فعرضت عليه ، فقال : ( ارقيهم ) ـ صحيح مسلم
وجه الدلالة :
قول أسماء ولكن العين تسرع إليهم ، فأقرها النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك ولم ينكر عليها ،
ومما يدل على أنها تقتل وتصرع بإذن الله عز وجل ما جاء
عن جابر بن عبدالله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
( أكثر من يموت من أمتي بعد كتاب الله وقضائه وقدره بالأنفس) يعني بالعين ـ
مسند الطيالسي ـ باب ما جاء في العين
فالحديث واضح الدلالة على أن العين سبب من أسباب المنية بإذن الله عز وجل
وعن جابر بن عبدالله قال ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأسماء بنت عميس (مالي أرى أجسام بني أخي ضارعة تصيبهم الحاجة ) قالت : لا ولكن العين تسرع إليهم ـ صحيح مسلم
وجه الدلالة :
إن العين تؤثر في الإنسان فتضرعه : أي تضعفه وتنحله..
3ـ وعن أبي إمامة بن سهل بن حنيف أنه قال: رأى عامر بن ربيعه
، سهل بن حنيف ، يغتسل ، فقال : ما رأيت كاليوم ولا جلد مخبأة ، فلبط سهل
(أي صرع وسقط على الأرض ) فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل : يا
رسول الله هل لك في سهل ببن حنيف ،والله ما يرفع رأسه فقال : (هل تتهمون له
أحدا ) قالوا :
نتهم عامر بن ربيعة ، قال : فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم
عامرا ، فتغيظ عليه ، وقال : ( علام يقتل أحدكم أخاه ؟ ألا برّكت ،أغتسل له
)
فغسل عامر وجهة ويديه ومرفقية وركبتيه وأطراف رجليه وداخلة إزاره ، في قدح ثم صب عليه ، فراح سهل مع الناس ليس به يأس ـ موطأ الأمام مالك ـ كتاب العين
وجه الدلالة :
قولة : فلبط ( أي صرع ) وهذا مما يدل على أن العين تصرع بإذن الله
وقول صلى الله عليه وسلم (علام يقتل أحدكم أخاه) دليل على أن العين ربما قتلت (انظر تمهيد ابن عبد البر وفتح الباري لابن حجر )
الأعراض الخاصة بالعين :
أ ـ الأعراض الجسمية :
( عادة ما تظهر تلك الأعراض قبل القراءة أو أثناء الرقية الشرعية ونوجزها بالأتي :
1ـ صفار وشحوب في الوجه
2ـ شعور المصاب بضيقة شديدة في منطقة الصدر
3ـ صداع متنقل ، مع الشعور بزيادة الصداع أثناء الرقية الشرعية
4ـ الشعور بالحرارة الشديدة
5ـ تصبب العرق ، خاصة في منطقة الظهر ، ويتبع ذلك عادة قوة العين
6ـ ألم شديد في الأطراف
7ـ التثاؤب المستمر بشكل غير طبيعي وملفت للنظر
8ـ البكاء أو تساقط الدموع دون سبب واضح
9ـ وقد تظهر أعراض التثاؤب المستمر وتساقط الدموع لدى بعض المعالجين
أو العوام نتيجة الرقية إن كانت الحالة المعالجة مصابة بالعين والحسد ،
وأكثر ما يظهر ذلك مع بعض النساء المعالجات ..
10ـ ارتجاف الأطراف وتحركها حركات لا إرادية وذلك بحسب قوة العين وشدتها
11ـ خفقان القلب
12ـ تمغض العضلات ، ويطلق عليه عند العامة ( التمطي )
13ـ الشعور بالخمول بشكل عام وعدم القدرة على القيام بالعمل
14ـ الشعور ببرودة في الأطراف أحيانا
15ـ ظهور كدمات مائلة إلى الزرقة أو الخضرة دون تحديد أسباب طبية
الأعراض الاجتماعية :
فالعين تؤثر من الناحية الاجتماعية على المصاب من خلال علاقتها بالآخرين ومن بعض تلك المظاهر :
أ ـ فقدان التجارة والمال
ب ـ الكره والبغض من الأهل والأصدقاء والمعارف
ج ـ فقدان المنصب والوظيفة والعمل .
علاج الإصابة بالعين
أولا:الطرق المشروعة لاتقاء العين
1ـ تقوى الله والمداومة على الأذكار الشرعية :
فمن اتقى الله تولى الله حفظه ولم يكله إلى غيره ، ويدل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لعبدالله بن عباس: ( أحفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك )
فمن حفظ الله حفظه الله ووجده أمامه أينما توجه ومن كان الله حافظه ، فممن يخاف ولمن يحذر ..
2- قراءة الآيتين الأخيرتين من سورة البقرة ، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال :
قال النبي صلى الله عليه وسلم ( من قرأ بالآيتين من أخر سورة البقرة في ليلة كفتاه) ـ صحيح البخاري
3- قراءة آية الكرسي ، قراءة المعوذتين
4- الإكثار من التعوذات النبوية وهي كثيرة جدا ومنها :
عن خوله بنت حكيم السلمية قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( من نزل منزلا ثم قال : أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيئ حتى يرتحل من منزله ذلك )ـ صحيح مسلم
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين ويقول ( إن أباكما كان يعوذ بهما إسماعيل وإسحاق :
أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لأمة )ـ صحيح البخاري
وغير ذلك من الدعوات والأذكار المشروعة
الطريقة الثانية من الطرق المشروعة في اتقاء العين ( التبريك ):
نظرا لما للعين من أخطار ضاره تحصل للمعين أرشدنا النبي صلى الله
عليه وسلم لأمر إذا فعلناه قضى على تأثير العين بإذن الله ألا وهو التبريك
ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم لعامر بن ربيعه عندما عان سهل بن حنيف ( ألا بركت ) وقوله صلى الله عليه وسلم ( إذا رأى أحدكم من نفسه أو ماله أو أخيه ما يعجبه فليدع بالبركة ) ـ المستدرك للحاكم ـ كتاب الطب
فيفهم من قوله صلى الله عليه وسلم ( ألا بركت ) وقوله ( فليدع بالبركة ) أن التبريك لا تضر معه عين العائن وإنما تضر إذا لم يبرك
وصفة التبريك :
قيل أنها قول العائن:
تبارك الله أحسن الخالقين ، وقيل : اللهم بارك فيه ، وقيل : اللهم بارك عليه ، وقيل :بارك الله فيه ، وكلها معان متقاربه
ثانيا علاج الإصابة بالعين بعد وقوعها :
الحالة الأولى :
أن يعرف العائن ففي هذه الحالة يسير وهو أمر العائن بالاغتسال للمعين ،
ولم يرد تحديد في ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم وإنما أمر بأمر عام وهو
قوله ( وإذا استغسلتم فاغسلوا ) وقوله ( اغتسل له )
أو أن في الأمر فسحة فيكون أي اغتسال من العائن للمعين ، بأي صفة كانت مما هو جائز..
وحكم اغتسال العائن للمعين :
قال صلى الله عليه وسلم ( وإذا أستغسلتم فاغسلوا ) وقال لعامر بن ربيعه ( أغتسل له ) فالأمر في هذين الحديثين يفهم منه الوجوب لعدم الصارف إلى غيره
وإذا تعذر اغتسال العائن للمعين ، فعليه ان يأخذ شيئا من الأشياء
التي لامست جسم العائن ثم يغسل فيغتسل بغسالته المعين ، وهذا مما جرب فوجدت
له المنفعة التامة في شفاء المعين بإذن الله
والحالة الثانية : أن لا يعرف العائن ، فالعلاج هو الالتجاء إلى الله عز وجل والمداومة على الرقى المشروعة ويدل على ذلك :
عن عائشة رضي الله عنها قالت ( امرني النبي صلى الله عليه وسلم ـ أوأمر ـ أن يسترقى من العين ) ـ صحيح البخاري
وعن أم سلمه رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في بيتها جاريه في وجهها سعفه فقال ( استرقوا لها فإن بها النظرة ) ـ صحيح البخاري
وعن انس رضي الله عنه قال : رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرقية من العين
فهذه الأحاديث فيها الحث على الرقية للمعين ، وأن ذلك من أسباب
شفائه إن شاءالله ، فالنبي صلى الله عليه وسلم لا يأمر بأمر ويحث عليه إلا
وفيه الخير كل الخير
ولقد نص ابن القيم رحمة الله على بعض الرقى لعلاج العين حيث قال :
من العلاج النبوي لهذه العلة : الإكثار من قراءة المعوذتين وفاتحة
الكتاب ، وآية الكرسي ، والتعوذات النبوية ، ومن ذلك ما رواه أبو سعيد أن
جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد اشتكيت ؟ فقال : نعم
قال : بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك ، من شر كل نفس أو عيني حاسد الله يشفيك بسم الله أرقيك ..وغير ذلك من الرقى المشروعة
ولكن منفعة ذلك تكون بحسب قوة إيمان قائلها وتوكله على الله .
الخلاصة :
الفرق بين العين والحسد
1ـ الحاسد أعم من العائن ، فكل حاسد عائن وليس كل عائن حاسد ،
ولذلك جاء ذكر الاستعاذة في سورة الفلق من الحاسد فإذا استعاذ المسلم من شر الحاسد دخل فيه العائن .
2ـ الحسد يأتي عن الحقد و البغض وتمني زوال النعمة، أما العين فيكون سببها الإعجاب والاستحسان
3ـ الحسد والعين يشتركان في الأثر حيث يسببان ضرراً للمعين والمحسود
ويختلفان في المصدر، فمصدر الحسد تحرق القلب واستكثار النعمة على المحسود،
وتمنى زوالها عنه، أما العائن فمصدره انقداح نظرة العين لذا فقد يصيب
العائن من لا يحسده وربما أصابت عينه نفسه، فرؤيته للشيء رؤية تعجب وتحديق
مع تكيف نفسه بتلك الكيفية تؤثر في المعين..
4ـ الحاسد يمكن أن يحسد في الأمر المتوقع قبل حدوثه، بينما العائن لا يعين إلا الموجود بالفعل
5ـ لا يحسد الإنسان نفسه ولا ماله ولكنه قد يعينها
6ـ لا يقع الحسد إلا من نفس خبيثة حاقدة، ولكن العين قد تقع من رجل
صالح من جهة إعجابه بالشيء دون إرادة منه لزواله، كما حدث من عامر بن ربيعة
عندما أصاب سهل بن حُنيف بعين رغم أن عامر رضي الله عنه من السابقين
للإسلام بل ومن أهل بدر.
وممن فرق بين الحسد والعين: ابن الجوزي، وابن القيم، وابن حجر، والنووي وغيرهم..
إن العين حق وأضرارها خطيرة فهي تقتل وتصرع وتمرض بإذن الله عز وجل
وبقضائه وقدره ولقد بين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الطرق المشروعة
لعلاجها واتقاء أخطارها وفي ذلك الغنية التامة للمسلم عما هو محرم من
الذهاب إلى الكهان والسحرة وإضرابهم وطلب الرقية منهم فمهما عظمت أخطار
العين فلا يجوز للمسلم أن يتداوى بما هو حرام ..
ـــــــــــــ
المراجع : كتاب ( أحكام الرقى والتمائم للدكتور فهد السحيمي ، وكتاب الموسوعة الشاملة لأبوا البراء )
إرسال تعليق